علوم تجريبية



 

                                  




موضوع:                     الحتمية و اللاحتمية في الفيزياء:

مقدمة: إذا كان الاستقراءالعلمي يهدف إلى الكشف عن الظواهر ومعرفة أسبابها القريبة وصياغتها في شكل قوانين عامة فإن الاستقراء العلمي من جهة ثانية ينتقل فيه العالم من بعض الظواهر إلىالقوانين العامة وضمانة هذا الانتقال هو مبدأ الحتمية الذي ينص على أنه متى توفرتنفس الأسباب أدت إلى نفس النتائج بشكل حتمي وضروري تبعا لنظام الكون الثابت غير أنتقدم علم الفيزياء واقتحام عالم الذرة والنتائج المتوصل إليها جعل الكثير من فلاسفةالعلم يرفضون هذا المبدأ والسؤال إلى يطرح نفسه.
هل مبدأ الحتمية ضروري فعلا فيعلم الفيزياء أم أنه
ليس ضروريا بل يمكن تعويضه بمبادئ أخرى؟
الاتجاه الحتمي: ظل الكلاسيكيون يعتقدون جازمين إن العلم يقوم أساسا على مبدأ الحتمية فكل الظواهر تسير بمقتضى حتمية دقيقة واعتبر لابلاس وبواسون أن الكون نفسه آلة تسيربمقتضى قوانين حتمية، ويكفي معرفة هذه القوانين حتى نتنبأ بشكل حتمي ودقيق بحدوث الظواهر قبل وقوعها وفي هذا يقول لابلاس: "لو أن عقلا تطلع في لحظة ما، على سائرالقوى التي تحرك الطبيعة وعلى الحالة الخاصة بالكائنات التي تؤلفها لا بل لو كان لهمن السلعة ما يستطيع به أن تخضع هذه المعطيات للتحليل لاستطاع أن يلم في قاعدةواحدة بحركات أكبر الأجسام في الكون وبحركات أخف الذرات، فلا شيء يكون محلاللارتياب بالنسبة إليه ويكون المستقبل والحاضر ماثلين أمام عينية".
إن تأكيد مبدأ الحتمية في العلم ضرورة قاد إليها البحث العلمي في مراحل السابقة والهدف منذلك ضمان الدقة المطلقة لنتائج العلم لقد قال بوان كاري: "العلم حتمي بالبداهة وهويضع الحتميات موضوع البديهيات التي لولاها ما أمكن له أن يكون"
النقد: إذا مبدأالحتمية ضروري في الفيزياء ويصدق أكثر في عالم الظواهر الكبيرة غير أن تقدم علم  الفيزياء نفسه أفضى إلى نتائج مغايرة كما هو الحال في فيزياء الصغائر Micro physique
كما أننا يجب أن نميز بين نوعين من الحتمية:أولاالحتمية العلمية التي ترفض الصدفة وتدفع الجهل.
ثانياالحتمية المطلقة الكونية: والتي تعد في حد ذاتها فكرةميتافيزيقية تقضي على كل مبادرة إنسانية في الفهم على حد تعبير جون أولمو وهذهالأخيرة سيطرت على فيزياء القرن التاسع عشر.
اللاحتمية: في المقابل للطرحالسابق توصل الكثير من الفيزيائيين إلى نتائج هزت مبدأ الحتمية ومن ذلك ما أفضت إليه بحوث "ماكس بلانك" من أن الذرة المشعة لا تصدر طاقتها بصفة منتظمة أو متصلة يمكن إخضاعها لمبدأ الحتمية،بل بصفة غير منتظمة وفي شكل صدمات.
أما الثاني فهوالعلم الأمريكي هايز نبرغ الذي توصل إلى تأكيد استحالة قياس كمية حركة الجسيم داخل الذرة وتحديد موقعه في آن واحد مما يؤدي إلى استحالة التنبؤ الدقيق والحتمي بكميةالحركة والموقع في آن واحد.
ومعنى ذلك أن مبدأ الحتمية لم يعد ضروريا علىالاطلاق ويجب الانتقال بالفيزياء من الحتمية إلى اللاحتمية.
النقد
إن رفضا لحتمية يؤدي مباشرة إلى الوقوع في الصدفة التي تعد تبريرا للجهل أكثر ما هي مصدرللعلم.
التركيب: قادت هذه الإشكالية في علم الفيزياء إلى اجتهادات كبيرة كانلها الأثر الإيجابي في علم الفيزياء منها:
التمييز في الحتمية بين حتمية علمية ضرورية في البحث وحتمية كونية ينبغي رفضها.
اهتدى العلماء إلى حساب الارتياب فيالقياسات كطريقة لتحقيق أكبر مقدار من الدقة إضافة إلى ذلك مبدأ حساب الاحتمال الذيجاء ليدعم مبدأ الحتمية.
مشكلة الحتمية والغائية في البيولوجيا
 
مفهوم علم البيولوجيا الحية: يختص علم البيولوجيا بدراسة الظواهر الحية سواء كانت نباتيةأم حيوانية.
خصائص الظاهرة الحية: تشترك الظاهرة الحية مع الظاهرة الفيزيائيةفي كونهما مادتين تشغلان حيزا من المكان، تقبلان الملاحظة والدراسة الموضوعية.
ومع ذلك فهما يختلفان إذ تتميز الظاهرة الفيزيائية بجملة من الخصائص يمكنإجمالها فيما يلي:
الظاهرة الحية معقدة: تتسم الظاهرة الحية بدرجة غالية منالتعقيد، يظهر ذلك في ترابطها مع غيرها من الظواهر مما يصعب عزلها ودراستها علمياوبشكل مستقل.
الظاهرة الحية حية: أي تقوم بجملة من الوظائف الحيوية وكل دراسةعلمية مطالبة بدراسة الظاهرة الحية في هذا الإطار الحيوي ومن جملة الوظائف الحيويةالتي تميز الظاهرة الحية:
التغذي: وظيفة حيوية تتمثل في أخذ مواد من الطبيعةوتحويلها عن طريق التمثيل أو الهضم إلى مواد قابلة للاستهلاك.
التكاثر: وظيفةحيوية تتمثل في نزوع الكائن آليا أو غريزيا في مرحلة من مراحل النمو إلى إعطاء كائنيحمل نفس المواصفات النوعية [استمرار النوع].
النمو: وظيفة حيوية تتمثل فيانتقال الكائن من مرحلة إلى مرحلة تكون مصحوبة بجملة من التغيرات والمظاهر.
التنفس: وظيفة حيوية يقوم بها الكائن الحي تتمثل في أخذ الأكسجين وطرح ثانياكسيد الكربون أو أخذ الأكسجين الذي تستعمله لخلية في الاحتراق لإنتاج الطاقةالضرورية...
الإطراح: عملية حيوية قوامه طرح المواد التي لا يحتاجها الجسم إلىالخارج...الخ.

أسباب تأخر علم البيولوجيا وحدود التجربة فيه :
إذا عدناإلى تاريخ البيولوجيا نجده قد تأخر في الظهور قياسا إلى علم الفيزياء ويذكر روادهذا العلم أن الدعوة الفعلية إلى ظهور علم البيولوجيا ترتبط بالبيولوجي كلود برنارفي كتابة " مدخل إلى الطب التجريبي " مع أننا نعتقد أن جهود المسلمين كانت سباقةإذا مارسوا الطب بصورة تجريبية رغم أنهم لم ينظروا لهذه الممارسة ، ومهما يكن منأمر فأسباب تأخر علم البيولوجيا كثيرة نذكر منها :
طبيعة الظاهرة الحية ذاتها .
نقص الوسائل والأجهزة .
ارتباط البيولوجيا بالخرافة


🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓🎓

إمكانية اخضاع العلوم الإنسانية للتجريب 

 المشكلة الثالثة :    فلسفة العلوم الإنسانية


نص السؤال : هل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجريب؟

طرح المشكلة
تعتبر الظواهر الطبيعية من أكثر الظواهر استعمالا التجريب وبقدر ما تتعقد الظاهرة أكثر بقدر ما يصعب التجريب عليها ومن الأكثر الظواهر تعقيدا الظاهرة الإنسانية فمادام الإنسان يتأثر ويؤثر في الآخرين وهو بذلك يتغير من حال إلى حال آخر ولا يبقى حول وتيرة واحدة وحولها ظهر خلال حاد بين المفكرين والفلاسفة موقف يرى أن العلوم الإنسانية بإمكانها أن تخضع إلى التجريب والبعض الآخر يرى باستحالة التجريب على العلوم الإنسانية والإشكالية المطروحة هل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية إلى التجريب ؟

محاولة حل المشكلة
أ – الأطروحة : عرض منطوق المذهب الأول وذكر بعض ممثليه
يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للتجريب وتمثله كل من مالك بن النبي وابن خلدون حيث ذهبوا بالقول إن التجربة أمر ممكن على الظاهرة الإنسانية فهي جزء من الظاهرة الطبيعية ثم سهولة التجربة عليها ودراسة هذه الظاهرة دراسة العلمية ودليلهم على ذلك إن هناك الكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية والتاريخية فالدراسة تدل على ومن ثم يستعمل التجربة وهي دراسات علمية خالية من الذاتية وهذا ما نجده عند ابن خلدون والمالك بن النبي وكذلك إن الملاحظة أمرممكن في الظاهرة الإنسانية لأنها ليست نفس الملاحظة المستعملة في الظواهر الطبيعية الأخرى فالملاحظة المستعملة هنا هي ملاحظة غير مباشرة بمعنى أن الباحث يعود إلى الآثار المادية والمعنوية التي لها صلة بالظاهرة المدروسة كذلك إن التجريب في العلوم الإنسانية يختلف عنه في العلوم الطبيعية ففي هاته العلوم يكون التجريب اصطناعي لكن في العلوم الإنسانية فيكون حسب ما تحتويه الظاهرة فالمثل الحوادث التاريخية يكون التجريب عليها عن طريق دراسة المصادر التاريخية الخاصة بهذه الظاهرة وتحليلها وتركيبها إضافة إلى هذا المبدأ السببي المتوفر في الظاهرة الإنسانية لأنها لا تحدث بدون سبب بمعناه أنها ظواهر غير قابلة للمصادفة مثلا سبب حدوث الثورة الجزائرية الاستعمار الذي يقيد الحريات أما مبدأ الحتمية فهو نسبي في هذه العلوم لأنها اليوم كيفية وليست كمية وتعدم وجود مقياس دقيق ومن الصعب أن يقف العالم موقف حياديا في العلوم الإنسانية ولكن هذا لا يعني انه لاستطيع أن يتحرر من أهوائه ورغباته والواقع
النقد شكلا ومضمونا
شكلا : إما أن تكون الظاهرة الإنسانية تجريبية أو لا تجريبية
مضمونا : مهما حاولت العلوم الإنسانية تحقيق نتائج إلى أنها تبقى تفتقر إلى اليقين والدقة لان القياس أمر صعب التحقيق عليها إضافة إلى تدخل ذات الباحث في التفسير .
ب – نقيض الأطروحة : عرض منطوق المذهب الثاني وذكر بعض ممثليه
استحالة التجريب على الظواهر الإنسانية يرى أنصار هذا التجريب غير ممكن على الظواهر الإنسانية لان الظواهر لا يمكن دراستها دراسة علمية فهي ترفض كل تطبيق تجريبي نظرا لطبيعة موضوعها وتمييزها بالتعقيد مستدلين على ذلك بأدلة والحجج أن العلوم الإنسانية تختص بالظواهر التي تتعلق بدراسة الإنسان فقط وبالتالي يكون الإنسان دارس ومدروس في نفس الوقت وهذا أمر صعب فهي علوم لا تتوفر على الموضوعية نظرا إلى طغيان التفسيرات الذاتية الخاصة بميول ورغبات الإنسان وهذا يؤدي إلى عدم الإقرار في حقيقة الموضوع ومن ثم تكون الملاحظة والتجربة أمرا غير ممكن في العلوم الإنسانية لان ظواهرها مرتبطة بزمان والمكان عدم تكرار التجربة يجعلها مستحيلة في هذه العلوم فهي ظواهر متغيرة ومعقدة وغير قابلة للتجزيء إضافة إلى هذه العوائق هناك عوائق أخرى تتمثل في تدخل معتقدات وتقاليد المجتمع في شخصية الباحث مما يجعه مقيد بها فعلوم المادة تختلف عن علوم الإنسانية نظرا لعدم تكرار الظاهرة الإنسانية وفي نفس الوقت وفقا للشروط والظروف المحددة هذا ما جعل صعوبة الدقة في التنبؤ لأنه إذا ما تمكن من ذلك استطاع أن يؤثر على هذه الظواهر لإبطال حدوثها أو على الأقل التأكد من حدوثها إن تعقد الظاهرة الإنسانية وتشابكها أدى إلى استحالة إخضاعها للمبدأ الحتمية وبالتالي صعوبة التنبؤ بما سيحدث في المستقبل .
النقد شكلا ومضمونا
شكلا : إما أن تكون الظاهرة الإنسانية تجريبية أو لا تجريبية لكنها ليست تجريبية إذن فهي تجريبية
مضمونا : لكن التجريب ممكن على الظواهر الإنسانية وذلك لان العلوم الطبيعية تختلف عن العلوم الإنسانية من خلال الموضوع والمنهج.
ج – التركيب
إن الظاهرة الإنسانية يمكن إخضاعها إلى التجريب لكن المفهوم يختلف عن العلوم الطبيعية وإذا كان المنهجان يختلفان في الخطوات فإنهما يتفقان في النتائج
الموقف الشخصي : يمكن تجريب على الظواهر الإنسانية لكن بمفهوم منسجم وطبيعتها .
حل المشكلة :
ما نستنتجه مما سبق /إن التجريب ممكن على العلوم الإنسانية لكن هناك بعض العوائق وذلك راجع إلى المنهج أو الموضوع بحد ذاته بحد ذاته






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق