نصائح وإرشادات



أعزائي الطلبة المقبلين على شهادة البكالوريا
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته

أما بعد وبكل صدق وصراحة سأروي قصتي مع شهادة البكالوريا
درست السنة الثالثة ثانوي في الموسم الدراسي 2009/ 2010، شعبة اداب وفلسفة ، لأول مرة في حياتي أهمل دراستي وأهتم بأشياء أخرى أهمل شهادة البكالوريا وأهتم بالكتابه والمطالعة في كتب الأدب والمواد اخرى وأهملت ماد الفلسفة والتي تعتبر المادة الأساسية في شعبتي ، المهم مرت الأيام ومرت الأسابيع والأشهر ووصلنا إلى امتحان البكالوريا وأنا غير محضر جيدا لهذا الإمتحان المصيري.
حضرت في الأشهر الثلاث الأخيرة فقط وطبعا هذا لا يسمح لي بتحقيق النجاح ولم أنجح، في نفس الوقت لم أغضب فمن ماذا أغضب فأنا السبب في ذلك الفشل أنا لم أحضر جيدا وفاتتني الكثير من الدروس نتيجة لإهمالي لدروسي وعدم تنظيم وقتي للمراجعة 
.لنتفق منذ البداية على أن أى طالب في الدنيا لابد من أن يكون له هدفه الخاص الذي تدور حوله معظم أحلامه، ويسعى جاهداً لتحقيقه. لديه تصور ما عن صورة مستقبله، وما يريد أن يكونه، فإذا كنت فكرت كثيراً في هذا الأمر واكتشفت أنك لا تعرف ما الذي تريده بالتحديد، أو أنك لا تهتم بأن تعرف لأن ما تريده مختلف تماماً عما تريده لك أسرتك، أو ربما لأنك تنحدر من عائلة تملك المال والنفوذ، ولذا ترى أن الشهادات مجرد واجهة اجتماعية لا أكثر، فحديثنا مع الأسف ليس موجها إليك، فاقلب الصفحة من فضلك واقرأ في أي موضوع آخر يروق لك، لأننا نتوجه بحديثنا هذا لإنسان يعرف هدفه جيداً، ومستعد لأن يناضل من أجله أكثر من أي شيء آخر لأنه يؤمن به الى أبعد مدى.
المعركة إذن معركتك أنت، والنجاح الذي تسعى اليه هو من أجل نفسك أولا، وليس من أجل ارضاء أبويك وحسب، وما دمنا قد ذكرنا أبويك، أحب أن أنبهك لضرورة احتمالهما إذا ما حدث ولاحقاك بالجملة الشهيرة "إياها": ذاكر.. ذاكر!! لقد عانينا منها نحن أيضا، إلا أننا يجب أن نتلمس لهما الأعذار وندرك أن الحب وحده يختفي وراء هذا القلق وذاك الإلحاح، وهو أمر غريزي لا حيلة لهما فيه، فهما وحدهما تحت سماء هذا العالم من يرغبان – حقيقة – في أن تكون أفضل منهما وأن يجنباك أية معاناة أو مصاعب يكونان قد عانيا منها، وهما من أجل تحقيق هذه الرغبة على استعداد كامل لأن يسانداك بكل ما أوتيا من طاقة وجهد، دون أن ينتظرا منك أي مقابل، حتى لو كانت مجرد كلمة شكر عابرة.


إذن ما هي واجباتك تجاه نفسك لتتفوق؟

تحرر من الخوف. هذا هو واجبك الأول تجاه نفسك! ولنكن صرحاء مع بعضنا البعض، ونعترف بأن الذي أدى واجبه كاملاً، ولم يقصر، لن يعرف الخوف.. قد يعرف القلق، لكنه أبداً لن يشعر بالخوف، فلتأخذ الأمر إذن بجدية منذ اليوم الأول في العام الدراسي، وضع تصوراً منهجياً لطريقتك في الاستذكار، واحرص على مراجعة دروسك يوميا في وقت معين، حتى تصبح عملية جلوسك على مكتبك لتذاكر عملية روتينية، تتم بشكل ميكانيكي في نفس الموعد يوميا، وبنفس الحماس، ولا تصدق أبدا أن النجاح – خاصة في الامتحانات العامة – مسألة حظ.

ستتفوق بقدر الجهد الذي بذلته، فلا تجعل من الحظ تكأة، فالله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا أبداً.
والمنهج السليم هو أن تراجع دروسك التي شرحها لك أساتذتك يوميا، وبعد ذلك استعرض جدول حصصك لليوم التالي، وقم بقراءة الفصل أو الباب الذي تتوقع أن يشرحه لكم الأستاذ في كل مادة وضع خطا تحت النقاط المبهمة أو الغامضة، وفي اليوم التالي انتبه جيدا لشرح أستاذك فإذا ما وصل للنقطة المبهمة وشعرت أنك لم تستوعبها حتى بعد أن شرحها، فاطلب منه برقة أن يعيد شرحها لأنك لم تفهمها بعد، ولا تخجل من هذا الطلب فالأستاذ عادة ما يسعده أن يشعر بإهتمام الطالب بمادته ورغبته في إستيعابها. لا تخش من إتهامه لك – بينه وبين نفسه – بالغباء وبطء الفهم، فأنت أولاً وأخيراً طالب علم جئت إلى المدرسة لتتزود بالمعرفة ولست أستاذا جامعياً.

- كم ساعة تحتاجها لتتفوق؟
كنا ونحن نستعد لأداء إمتحان الثانوية نتنافس فيما بيننا – سرا – على عدد ساعات المذاكرة، وكان بعضنا يدعي أنه لم يذاكر سوى نصف ساعة فقط مع أن الحقيقة هي أنه قضى أكثر من ست ساعات في المذاكرة، اعتقادا منه أن التفوق يتوقف على عدد الساعات التي يقضيها في المذاكرة، وبما أنه يطمح في التفوق المذهل وليس مجرد النجاح يحاول أن يخدّر الباقين حتى لا يقلدوه فتضيع منه فرصة الجلوس وحده فوق القمة.. وكانت أسرنا مع الأسف تؤمن بنفس الشيء، لكننا فيما بعد أدركنا أن العبرة ليست بعدد الساعات، ولكن بالإنجاز والكم الذي استوعبناه. هناك طالب يلتصق بكرسيه ست أو سبع ساعات أمام الكتاب دون أن يستوعب أكثر من سطر واحد فقط لأنه إما مرهق أو لأن خياله شارد تماما وراء ابنة الجيران الجميلة، أو لأن أحلام اليقظة داهمته فجأة وأخذ يتصور أنه قد نجح، وأصبح كذا.. وكذا....، أو أنه يعاني من مشاكل حياتية كثيرة، أو لأنه يبكي على عزيزاً رحل عن دنياه منذ فترة قريبة.. ولا يخفى عليك عزيزي الطالب أن كل حالة من هذه الحالات تشكل معوقاً خطيراً يحول بينك واستيعابك لما تقرأ وبالتالي تقلل من فرص النجاح أمامك، ولو أنك فكرت بشكل علمي فستدرك أن ابنة الجيران ستعجب بك أكثر عندما يصلها خبر تفوقك من الجيران، والعزيز الذي رحل لن تعيده دموعك ثانية للحياة، والمشاكل التي تحاصرك ستظل كما هي إن لم تتعقد أكثر إذا لم تبادر بحلها، وقد يكون نجاحك هو أول خطوة إيجابية للتخلص منها. لن أطالبك بأن تكف تماما عن أحلام اليقظة، فالأحلام هي الحافز الحقيقي للإبداع، وأخطر الإنجازات البشرية كانت في البداية مجرد حلم، لكنها ليست التفوق نفسه.. صحيح أن التخلي عن أحلام اليقظة، والتغلب على أحزان الماضي ومشاكل الحاضر أمر صعب، لكنه أيضا ليس مستحيلا، والأمر فقط يحتاج إلى قوة إرادة ورغبة صادقة في تجاوز المعوقات. أغرب ما في قضية التفوق هو أننا نخلط دائما بين النجاح والتفوق وبين المتعلم والمثقف.. وهناك مثقف لم يحصل في حياته على أكثر من الابتدائية أو الاعدادية، لكنه مثقف وإنسان على درجة كبيرة من الوعي والتحضر في السلوك ربما أكثر من أي جامعي... أيضا النجاح لا يحتاج لأكثر من التركيز وهذا يعني عدد ساعات أكبر، ومثابرة تستمر كل دقيقة وكل لحظة، فإذا قلنا إنك تحتاج إلى خمس ساعات يومياً على الأقل في الشهور الأربعة الأخيرة لكي تنجح، فستجد أنك لكي تتفوق تحتاج إلى مثابرة ودراسة تبدأ حتى قبل أن تبدأ السنة الدراسية وإلى مذاكرة قد تستمر سبع أو ثماني ساعات يومياً.. أي تفرغ كامل وحقيقي للمذاكرة.

- أسطورة الشهر الأخير:
بعض الطلبة يتباهون بأنهم في خلال شهر واحد فقط يمكنهم الإنتهاء من إستيعاب كل المواد والنجاح فيها.. تلك المقولة ياصديقي الطالب مقولة مضللة تماماً..، وحتى لو إفترضنا صحتها، فدعني أسألك: لنفترض أنك ستنجح فعلا، لكن، بأي تقدير أو مجموع؟
الرهان على مراجعة الشهر الأخير فقط رهان خاسر، فهو لو ضمن لك النجاح فلن يضمن لك التفوق، بالإضافة إلى أن الإنسان لا يعرف ما الذي قد يحدث له في غده: قد يتعرض لا قدر الله لوعكة. أو يمرض فرد في الأسرة يستلزم مرضه منا أن نمنحه بعض وقتنا وجهدنا.. وقد.. وقد.. عشرات الإحتمالات المتوقعة التي قد تسحبنا – برغم أنوفنا من أمام كتبنا، فلماذا نضع رقابنا تحت سيف الوقت، والظروف الطارئة ونجلس في النهاية لنذاكر – إذا ما وجدنا الوقت – ونحن في قمة توترنا وقلقنا.؟
يقول نبينا الكريم (ص): "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلّت عميت" وهو قول صحيح تماما، فحذار من أن يشغلك التحصيل العلمي عن الحفاظ على صحتك النفسية. توقف فوراً إذا ما شعرت بأنك لم تعد قادراً على فهم الكلمات التي أمامك. اخرج لتتمشى قليلاً في الهواء الطلق أو اذهب لزيارة صديق.. أو انضم للأسرة التي تتحلق حول جهاز التلفاز لتشاهد مسلسلا أو برنامجا معينا تحب أنت أن تتابعه.. فإذا لم ترغب في هذا أو ذاك يمكنك أن تخلد لإغفاءة صغيرة تستعيد بعدها نشاطك وحيويتك، لكن إذا ما لاحظت أنك تنام أكثر من اللازم فابحث عن السبب، لأنه عندما تتجاوز عدد ساعات نومك الحد المعقول يصبح ذلك مؤشراً على أنك تعاني من أزمة ما وتهرب من مواجهتها – لا شعورياً – بالنوم بدلاً من أن تواجهها بشجاعة. اسأل نفسك وأجب بصدق: هل أنت خائف من الرسوب في مادة معينة؟ هل حاولت أن تتغلب على تلك المشكلة باللجوء لأصدقائك أو أي فرد من أفراد عائلتك ولم تعثر على شخص مناسب يعاونك في إستيعابها. أَّياً كانت مشكلتك فواجهها، فإذا كانت الحلول أكبر من إمكاناتك فصارح أحد أبويك أو كليهما ليشاركك في حلها، ولو أن هذا المأزق لن يقع فيه طالب ثابر منذ البداية وكان يتابع شرح أساتذته ويسألهم فيما غمض عليه من نقاط.. أعرف أن هناك بعض الأساتذة يتعمدون الغموض وعدم الشرح ليجبروا الطالب على الانضمام لدروسهم الخصوصية، لكن هناك لحسن الحظ أغلبية لا تفعل ذلك لأنها تحترم موقعها ورسالتها وتنتمي لتلك الفئة التي نظل طوال العمر نذكرها بالخير والتبجيل.

- عقلك كمبيوتر:

معظمنا يتصور قبل الامتحان أن كل المعلومات التي ذاكرها وكانت في ذهنه قد طارت، بلا رجعة، وهذا الشعور مجرد وهم يسببه لنا القلق والخوف، فالعقل كجهاز "الكمبيوتر" لا يلغي أي معلومة تدخله، وستفاجأ وأنت في لجنة الإمتحان بأن المعلومات تنساب من عقلك بهدوء إلى قلمك مباشرة، اللهم إلا إذا كنت من هذه الفئة التي تلجأ إلى الحفظ دون أن تفهم ما تحفظه. في هذه الحالة فقط لن تتذكر المعلومة التي تريدها، لأن الممتحن عادة يتعمد وضع أسئلة تحتاج أجوبتها أولا إلى الذكاء وتدل – ثانياً – على أن الطالب قد استوعب المنهج كله فهو يربط بين المعلومة والأخرى ويستنبط الحقائق وهذا يتضح جلياً في تلك الأسئلة التي تطالبك بالتعليل أو المقارنة بين شيء وشيء آخر يشبهه أو ضده.. لذلك لابد من أن تفهم أولاً، ثم ثبت المعلومة بتسجيلها أو تلخيصها بنفسك حتى تبقى في ذاكرتك ويا حبذا لو قمت بتسجيل هذا الملخص على شريط "كاسيت" ليكون عونا لك ليلة الامتحان.
الملخصات الجاهزة تعد كارثة بالنسبة للطالب لأنه يكتفي بها مع أنها ملخص للموضوع وليست الموضوع نفسه.. حتى في الجغرافيا، وهي مادة يتصور الطلبة أنها تعتمد على الحفظ! ضع الخريطة أمامك، وتأملها جيدا وتابع ما تقرؤه عليها. ابحث عن مواضع المرتفعات والمنخفضات والسهول والجبال، وقربها أو بعدها من البحر أو الصحراء.. لاحظ دائما خطوط الطول وخطوط العرض وتأثير قرب أو بعد أحدهم في المناخ وبالتالي الزراعة.. وقم بتوزيع المدن الصناعية والزراعية بنفسك وحاول أن تعرف مثلا لماذا تسقط الأمطار على هذا الجانب ولا تسقط على الجانب الآخر.. ولماذا تقوم صناعة السكر مثلاً في جنوب مصر وليس في الإسكندرية. حتى في الطبيعة والكيمياء حاول أن تعرف تطبيقاتهما في الحياة العملية.. لتثبيت المعلومة في ذهنك.. ونفس الشيء ينطبق على التاريخ الذي يظن كثيرون أنّه يكفى أن نسجل على الورق مجرد جمل إنشائية حماسية ونتناسى أنّه كأي علم آخر يتضمن وقائع محددة لها أسبابها ونتائجها، ولأنّ التاريخ ملىء بالأرقام والتواريخ الكثيرة ينبغي أن نخضعها هي أيضاً بموجودات في حياتنا. مثلاً إذا صادفني رقم سنة 1961.. أقول لنفسي رقم 19 هو مجموع عدد سنوات عمري بينما 61 هو مجموع عدد سنوات عمر جدتي.. ورقم 94 هو رقم "الباص" الذي ينقلني إلى المدينة.. وهكذا..
من واقع تجربتي أرى أنّه من الأفضل أن نبدأ بالأسهل، وبعد أن يستغرقنا جو المذاكرة، نتناول المادة الأكثر صعوبة بإستعداد نفسي قوي وحماس ورغبة في تحدي المستحيل، ولكي تثير إهتمامك قم أوّلاً بتجميع المعلومات ثمّ اربط بين المعلومة القديمة والمعلومة الحديثة.
كيف تحفظ سور وآيات القرآن الكريم؟
بأن تفهم السورة كلها أوّلاً ككل، وبعد ذلك إستخرج الكلمات الصعبة لتفهمها، واقرأها بشكل عام ثمّ قم بقراءة الآية الأولى واحفظها جيِّداً لتنتقل بعد ذلك للآية الثانية، فإذا ما تأكدت من حفظها هي الأخرى سمِّع لنفسك – بعيداً عن الكتاب – الآيتين معاً، وبعد ذلك تنتقل للآية الثالثة لتحفظها ثمّ تُسمِّع الآيات الثلاث معاً.. ونفس الأسلوب يمكن أن تتبعه في قراءة وحفظ الشعر...

- كلمة أخيرة:

حذار.. حذار من المنشطات. المنشط قد يعطيك قدرة أكبر على السهر، لكنه سيسلبك – بالمقابل – القدرة على التركيز. ستشعر فجأة بالطنين في رأسك وبحالة من حالات بلادة الذهن، فهو عاجز تماماً عن الإستيعاب، والفهم، وفي النهاية ستحاول أن تهرب من تلك الحالة إلى النوم دون جدوى وستظل في فراشك محملقاً في الفراغ، وقتك يهدر أمام عينيك ولا تملك أن تفعل شيئاً بسبب تلك الحبة المنشطة "الوهم"، وقد ينتهي بك الأمر – لا قدر الله – إلى حالة توتر شديدة، أنت آخر مَن ينبغي أن يتعرض لها. مع دعواتي لك بالتوفيق.











 

هناك تعليق واحد: